الرسالة الاخیرة

0

ان هذه الرسالة التي كتبتها قبل 29 يوم من رسالة انهاء عملي مع حشعع، بوصفها اخر مسعى للحيلولة دون عملية انهيار التقاليد واسس التحزب الشيوعي، طرحتها عبر الرفيق مؤيد احمد للمكتب السياسي وطلبت منه ايصالها لاعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي الكردستاني، وفي الحقيقة لا اعرف كم وصلت لرفاق هذه الهيئات، ولكن من ناحيتي، وكمراعاة لقوانين وتقاليد التحزب الشيوعي، لم ارسلها سوى للرفيق مؤيد. ودون شك، ومثلما هو الحال مع العديد من الرسائل والابحاث والنقد السياسي التي ابلغتها للقيادة، لم اتلقى اي جواب رسمي. صحيح ان هناك رفاق تحدثوا عنها من زاوية تصورهم الشخصي. وبعد فشل هذه المساعي، لم يبق لي سبيل سوى اعلان استقالتي.
الرفيق مؤيد احمد، الرفاق في المكتب السياسي
بعد التحية
كنت اتمنى ان لا اكون مجبراً على كتابة هذه الرسالة، ولكن اعتقد انه عمل يقع على كاهلي ومن واجبي ومهمتي القيام به. عبر هذه الرسالة، اود ان اعبر عن قلقي الكبير على وضع الحزب بالاخص فيما يتعلق بقضية الاستفتاء في كردستان. لاقل بدءاً اني لا اعتبر باي شكل من الاشكال وجود تصورات وتقييمات مختلفة ومتناقضة حول اي قضية سياسية مشكلة او امرا سلبياً، ليس هذا وحسب، بل انه سبب ارتقاء وعي الحزب واتخاذ خط صحيح. ان حزبنا، وعلى صعيد داخله، وعلى صعيد جميع هيئاته، ثمة اوسع مجال للنقاش والبحث وطرح النظرات المختلفة، ولكن في المطاف الاخير ان جميع الاحزاب السياسية، وبعد انقضاء هذه العملية واقرار سياسة ما، عندها، وكتقليد وعرف حزبي، تقوم كجهاز وجسد واحد وذا ارادة موحدة بالدفع بقرار و سیاسات الحزب. اما غير ذلك، لايبقى معنى للحزب والتحزب والعمل الحزبي.
للاسف، وبعد ان اصدر الحزب موقفه ببيان رسمي حول الاستفتاء في كردستان، اذ اقره بوصفه حق جماهير كردستان ودافع عنه، شرع رفاق (سکرتیر و اعضاء من مكتب سياسي) بكتابة ونشر عدد من المقالات مخالفين بصورة شديدة لبيان وكذلك برنامج الحزب والاستفتاء. حيث تحدثا بصورة واضحة وعلى صعيد علني بالضد من بيان الحزب وبرنامجه.
وان مايبعث على القلق اكثر بهذا الخصوص هو ان احكاما واتهامات ثقيلة جدا قد رميت على الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني الذي هو حزب خندق واحد وشريك حركة وحليف الحزب الشيوعي العمالي العراقي. زد على هذا، طبقاً لبرنامج وبيان الحزب العراقي، فان هذه الاحكام الثقيلة تشمل الحزب العراقي ايضا. ان هذا يتناقض مع الضوابط والاسس التنظيمية للحزب. انه لامر يبعث على قلق اكبر دون شك ان من يقوم بهذا العمل هو سكرتير واعضاء مكتب سياسي. لانه يفتح باب تكرار هذا الاسلوب الخاص بعدم الالتزام بالضوابط الحزبية امام جميع الكوادر واعضاء الحزب. عندها لايمكن للحزب ان يتطلع الى ان يلتزم اي كادر او عضو حزب بالضوابط الحزبية.
رفاق! ان سكرتير اللجنة المركزية وعضو في المكتب السياسي هما مناصب رسمية للحزب. انهما لم يبقيا افراد هناك، اذ بعد ان يرشح شخص ما طوعاً لمنصب ما ويتم التصويت له، ومنه للسکرتیر و للمكتب السياسي، ان من واجبه هو ان يقوم بتنفيذ اعمال هذا المنصب. يتالف عمل سکرتیر و مكتب السياسي من توضيح والدفع بالسياسة الرسمية والمقررة للحزب، قيادة الحزب والمجتمع استناداً الى السياسة الرسمية والمقرة للحزب، الدفاع عن الحزب وسياساته، صيانة وحدة وانسجام الحزب. ان قصدي من الانسجام هو دون شك لايعني الاتفاق الحتمي بالافكار، بل ان نكون قادرين ان نصون وحدة الحزب بغض النظر عن ان نتشاطر الافكار او نختلف عليها.
من الضرورى التاكيد علی المسالة ایضا، اي ان اي سياسة رسمية ومقرة للحزب، وطالما لم يتم رفضها، او لم يطرأ عليها تغيير او تم وضع بديلا لها من قبل هيئة ذات صلاحية، لاتصبح فاقدة الصلاحية تلقائيا بمرور الزمن. حتى لو مر عليها 20 عاما لايحق لاي كادر او عضو هيئة قيادية تحت اسم “الوضع تغير” ان يصدر حكما حسب مشيئته ويرميه على وجه السياسة الرسمية والمقرة للحزب. ان باب اليات الحزب مشرعة دوماً، وان اي رفيق يعتقد انه نظراً لتغير الاوضاع ينبغي تغيير سياسة ما للحزب، يستطيع ان يوضح في هيئة ذات صلاحية تغير الوضع، ويطرح تغيير السياسة لكي يتم اقرار هذا الامر. ان “تغير الوضع” لايمنح احد تلقائيا الحق ان يقرر ان سياسة الحزب الفلانية فاقدة الصلاحية، وينتقدها من جانبه او يعارضها، و بلاخص على صعيد علني واجتماعي.
اؤكد ان الاراء المختلفة في حزب سياسي شيوعي هي ظاهرة عادية وطبيعية جداً. ليس هناك اي اشكال ان يكون هناك رفاق قد تغير رايهم حول جزء من برنامج الحزب او سياسته، ولكن لكل هذه هناك قنوات واليات حزبية ومحددة. ولهذا، فان الاراء المختلفة لاتفسح مجال لاي كادر، وليس سكرتير او عضو مكتب سياسي، ان يعارض على صعيد علني برنامج الحزب وسياسة رسمية له، وان يعبر عن سياسة مخالفة، ناهيك عن يجعلها اساس اصدار حكم بقوميتها …. ان هذا امر لم يسمح به لكادر حزب، ناهيك عن سكرتير وعضو مكتب سياسي.
ليس قصدي من هذه الرسالة مناقشة هذه التصورات، بل الدفاع عن الحق والضوابط والاسس التنظيمية للحزب، الدفاع عن الحزب نفسه والتحزب. الدفاع عن ذلك التقليد والقواعد الشيوعية التي قمنا بمراعاتها لحد الان. اعتقد ان على المكتب السياسي ان يجد حلا لهذه القضية بصورة مسؤولة وحكيمة جدا من زاوية مصلحة الحزب والتحزب، والا فان الاجواء تمضي نحو اسوأ واسوأ. حزب ثمرة تعب وشقاء وتضحيات الاف الشيوعيين ورفاق كثر ضحوا بحياتهم من اجله، فان من المسؤولية والمهمة السياسية والاجتماعية والحزبية وحتى المبدئية، ينبغي صيانته، لايمكن ان يذهب ضحية التصورات المختلفة حول مسالة مثل الاستفتاء او اي بحث سياسي يمكن ان يتم الدفع به عبر الاليات الحزبية بصالح الحزب. ان المسؤولية المباشرة لذلك تقع على عاتق المكتب السياسي.
في الحقيقة لم اتمنى ان اتدخل في هذه القضية، ولكني وبوصفي عضو لجنة مركزية للحزب، فان مسؤولية تقع على عاتقي وينبغي ان يكون لي ردأ عليها بمكانها. ولهذا ارى نفسي مجبرا بلف انتباه المكتب السياسي كي يتعامل بروح مفعمة بالمسؤولية مع هذه القضية، وان يرد عليها بصورة مناسبة.
مع فائق احترامي
ريبوار احمد
30-8-2017
ملاحظة: اطلب اذا لم يكن هناك مانعا ما ان ترسل هذه الرسالة الى اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي والمكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي الكردستاني.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here