الى أين يتجه الحزب وأي تصور للحزب؟

0

ان هذه الرسالة كتبتها في 1 ايلول 2016 ولقد وضعت امام اللجنة المركزية واجتماعها. 

رفاق! لن يكون بوسعي حضور الاجتماع الدوري للجنة المركزية هذا وقد تحدثت مع الرفيق سكرتير اللجنة المركزية بهذا الخصوص، غير أنني أعتقد أن المجتمع العراقي والحزب ذاته يمران بأوضاع حساسة حيث أجد من الضروري عرض تصوري بشكل مختصر على الرفاق بخصوص حاضر ومستقل الحزب.

خلال السنوات القليلة طرأت العديد من القضايا والتغيرات المهمة في العراق والمنطقة. فقد فشل ما سمي بالعملية السياسية في العراق ووصلت الى طريق مسدود وأزمة شاملة، فشلت عملية إقامة الدولة الفدرالية، جرت هجمة واسعة ضد الطبقة العاملة والجماهير الكادحة وتم سلب أبسط المكاسب السابقة وحرمان الجماهير العاملة والكادحة من أبسط مستلزمات الحياة، ظهرت داعش وحرب داعش وما افرزته من مآسي مختلفة، أجرت الحرب الطائفية أنهار الدم من جديد، تعمق الصراع القومي أكثر فأكثر، تصاعدت الاحتجاجات العمالية والاحتجاجات الجماهيرية، شُرِّعت مختلف القوانين الرجعية، وصل الاستعباد والابادة الجماعية على أساس الجنس ضد النساء أقصى درجاتها، وتم إقامة جحيم للشبيبة، وألقت الحروب والصراعات الرجعية بظلالها فتشردت الملايين من الجماهير…

إذا ما ألقينا نظرة مراقب خارجي على الحزب، أي بمعزل عن التقارير التي نعدها نحن لأنفسنا لمناقشتها بين صفوفنا، فإننا خلال السنوات القليلة هذه لا نرى وجود ظاهرة اسمها الحزب الشيوعي العمالي العراقي على الصعيد الاجتماعي وفي الصراعات وفي ميدان السياسة والممارسة السياسية. ليس لهذا الحزب آثار على أي من تلك الصراعات. تاريخ الحزب الشيوعي العمالي العراقي معروف بحضوره الدائم في الصراعات والسجالات السياسية والاجتماعية وحتى العسكرية في بعض الأحيان ضد التيارات الرجعية من أجل حقوق العمال والعاطلين والنساء والحرية وحاضر ومستقبل المجتمع. لقد كان دائماً شوكة في أعين الرجعيين ومصدر إزعاج لهم، وكثيراً ما سبب خطابنا الألم لهم مما وضعنا في المواجهة معهم، إلا أننا أخلينا هذه الساحة خلال السنوات الأخيرة ولم نسبب الضرر لأي طرف. لن يجد أحد تأثير الحزب حتى في تلك الاحتجاجات العمالية التي لعناصر قيادة الحزب دور فيها. إما فيما لو شاركنا في احتجاج جماهيري فإن حالنا حال أي مواطن آخر مشارك دون ان تكون معبرة عن المطاليب والامال الواقعية للجماهير، حيث اختلطت قوى الحزب بالحركات المرتبطة بتكتيكات التيارات السياسية الأخرى وتفتقد الى ماهية تقدمية وسمتها احتجاجات ثورية جماهيرية. لقد سجل الحزب غيابه ليس فقط على صعيد الممارسة بل حتى على صعيد طرح البديل السياسي والعملي، وعلى صعيد طرح تكتيك فعال وخطاب سياسي شيوعي ولا يشعر أحد بوجود أي مشروع سياسي يعمل الحزب على تحقيقه بشكل مخطط.

ومن ناحية القيادة لم ینجح حزبنا في إظهار قادة شيوعيين للمجتمع فحسب، بل إنه عدم موفق حتى في قيادة تنظيماته. الدعاية الحزبية في مستوى من الغياب، فيما عدا صحيفة لا يمكن قياس أي تأثير لها على أي وسط اجتماعي، حيث تبدو حالها حال أية صحيفة أخرى في المجتمع ونقدها إذا ما تمت مقارنته بنقد العامل والجماهير ليس بنقد طليعي وذي قدرة على بلورة خط سياسي للعمال والجماهير، بل أنه أكثر تراجعاً من ذلك، وبوسعنا القول إنه عاجز عن إلحاق الضرر بالسلطة والحركات والأحزاب البرجوازية. أما من ناحية التنظيمات ففيما عدا عدد محدود من الناشطين الذين يقومون بحرص مخلص من خلال جهودهم وبتشخيص فردي بجملة من الأعمال المحدودة من قبيل تعليق اللافتات وتوزيع البيانات والنشرات في مناطق محدودة، وكذلك تنظيم بعض التجمعات الحزبية المحدودة أحياناً، ومن ذلك يبدو أن الحزب فاقد لأي نوع من التنظيمات وليس هناك أية ملامح وقامة واضحة لما يسمى بالتنظيمات. ليس هناك أي وجود للجان والشبكات والنسيج التنظيمي الحزبي. وجراء غياب خط سياسي-عملي تكتيكي شيوعي متمايز للحزب، فان الجمع المحدود الذي يقوم بفعاليته بوصفه تنظيمات وتركيبة كوادر الحزب يفتقدون الى حدود واضحة مع مجمل تصورات وأفكار وشعارات وممارسة التيارات البرجوازية والوطنية وحتى في بعض الأحيان يمضون تحت تقاليدهم وأفكارهم، وكذلك فان المشاركة في تحركات مثل هذه ليس فيها أي محتوى تقدمي. لقد وقعت أبسط مبادئ الشيوعية العمالية في صفوف الحزب تحت طائلة التساؤل. وقد طرحت جملة من الرفاق انتقادات وملاحظات على برنامج الحزب، ووعدت بنقد جميع بنوده وشبهته ببرنامج ليبرالي، إلا أنها لم تقل كلمة واحدة حتى الآن بعد مرور عام على ذلك. ليست لدي مشكلة مع ان لهم نقد ما، مهما كان نقدهم، المشكلة تتمثل في انه مر عام ، لماذا لايطرحوا نقدهم حتى نتحدث عنه. ارحب باي شخص لديه بحث سياسي او خلاف مع البرنامج، ربما يساهم في انضاج برنامج وسياسات الحزب، وان من حق هؤلاء الرفاق المسلم به هو ابداء رايهم، لكن تكمن المشكلة في لماذا لا يقولوا كلامهم؟ ماذا حل بهذا الموضوع؟ من جهة أخرى ان النقد الذي اوجهه للقيادة هو لماذا لا تقل شيئا بهذا الخصوص؟ لماذا لاتحثهم على ان يقولوا كلامهم بصورة شفافة حتى نعرف ماهو خلافنا؟ او لماذا لم تقم باي رد عليهم حين ترى ان هذا الموضوع قد رمي في داخل الحزب؟  (عدا عن رد رعد سليم، الرد الذي يبدو أنه ليس بمحل اهتمام قيادة الحزب)، فقيادة الحزب تمر بشكل بسيط على هذه المعضلات ولا تتخذ موقفاً منها ولم تطرح سبيل لتحقيق هذا. في الوقت الذي يمثل البرنامج وثيقتنا الأساسية، كيف يمكن التعامل مع هذه المسالة بهذا الشكل؟ يتم التأكيد على عدم استعداد القيادة للحضور والاستقرار في الداخل وكثير ما يرتفع التذمر والتشكي من عدم وجود القيادة في الداخل غير أنه ربما للمرة الأولى فی کل تآریخ الحزب يعبر أحد أعضاء قيادة الحزب (نادية محمود) عن استعداده للاستقرار في الداخل، دون استقبال هذا ودراسة والتفكير بمستلزماتها.

عدا عن وجود عناصر فعالة عمالية هي في نفس الوقت كوادر وأعضاء في قيادة الحزب، لا يوجد هناك أية علاقة بين الحزب والطبقة أو أي تأثير لأي منهما على بعضهما البعض الأخر. ليس هناك دور للحزب في الحركة العمالية والجماهيرية وليس لديه أي دور في حياة العمال والجماهير. وفي أفضل الأحوال يساند الاحتجاجات العمالية ببيان دعم وتضامن خالي من الطابع القيادي والتنظيمي ولا يطرح تكتيك صحيح لها. وكانعكاس لهذا الوضع العام للحزب وغياب أي خطة سياسية، فإن تنظيمات الخارج أضاعت بوصلتها وراحت تتخبط وتحولت الى مجموعة عناصر مبعثرة تمارس بجهدها الشخصي مجموعة أعمال هامشية هنا وهناك وحتى أنها تقع في بعض الأحيان داخل عمل مشترك لا ينسجم مع مبادئ الحزب وأصوله وان القرار على مسالة من هذا القبيل هي من صلاحية القيادة،….. تنظيمات الحزب هي على العموم تنظيمات متخبطة ومبعثرة وتفتقر للحماس سواء من الناحية الفكرية والسياسية وكذلك من الناحية التنظيمية أيضاً.

يمر العراق بأوضاع حساسة، وتحول في واقع الأمر الى ثلاثة أقسام، حيث جرى تقسيم كل شيء على هذا الأساس بدءاً من أعلى مستويات السلطة الى أدنى المستويات الإدارية، وصولاُ الى القوى المسلحة والميلشيات والأجهزة الأخرى. ويتم بيع قسم من النفط بوصفه العمود الفقري للاقتصاد من قبل حكومة بغداد وقسم من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني وقسم من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني والقسم الأخير من قبل داعش. ومن جانب آخر يتجه منذ الآن صراع الأطراف القومية والإسلامية على حصصها بعد استعادة الموصل وإخراج داعش نحو الاشتداد ويضع المجتمع أمام مخاطر بالغة الجدية. جميع الأطراف السياسية البرجوازية الجادة لديها بديلها وخططها الرجعية لهذه الأوضاع وتتهيأ بكل الاشكال لها، إلا حزبنا بقي في هذه الناحية من دون صوت ودون بديل ودون خطة وحتى أنه دون إي خطاب سياسي واضح. ليس واضحاً إن كان الحزب يتعامل مع هذه التقسيمات الحالية كأمرٍ واقع؟ فإن كان الأمر على هذا النحو، لماذا وكيف وما هي مكانة ذلك في مسار أستراتيجية الحزب؟ إما إن لم يكن الأمر على هذا النحو هل الحزب يعمل باتجاه توحيد العراق من جديد؟ عند ذاك سيكون السؤال هو لماذا وعلى أي أساس؟ ما هو التصور والسيناريو لتحقيق هذا الأمر وفي هذه الحالة كيف يتم على الأقل توفير الأمن والحياة المدنية للجماهير وكيف يمكن على الأقل أن لا يتحول العراق الموحد الى إطار للاقتتال على أساس قومي وطائفي؟ أما إذا كان الحزب يعمل على موضوع إضفاء الطابع الرسمي على تقسيم العراق، تظل هذه الأسئلة مطروحة أيضاً إضافة الى العديد من الأسئلة التي ينبغي الإجابة عليها. الصمت الحالي هو أسوأ من كل الاحتمالات الأخرى وبل إنه في الحقيقة انتحار سياسي.

أما مقابل إنشقاقات الشيوعية العمالية فإن الفخر الوحيد للحزب حتى الآن هو الموقف الذي عبر عنه مقابل أنشقاق الحزب الحكمتي، إلا أن هذا الخط لم يستمر. في حين كان من المفترض في الإستمرار بهذ الخط أن يقيم الحزب علاقات متينة وشراكة نضال مع أولئك المتعلقين باسم الشيوعية العمالية فيما لو كانوا أقرب إلينا من ناحية الخط والسياسة، ولو شكل الحزب ضغطاً على أولئك الذين يستخدمون هذه الأسماء للمتاجرة السياسية والتستر على الخط غير الشيوعي لكان لحزبنا مكانة وركيزة وفرصة الظهور ولعب دور كمرجع للشيوعية العمالية. غير أن سياسة الحزب الآن هي تمسكه بقبعته خوف أن تأخذها الرياح معها، والأدهى أن الأمور تسير بالعكس حيث أن تنظيمات وكوادر حزبنا هي الآن تحت ضغط الأطراف الأخرى. إن عدم التدخل والصمت وعدم الإنحياز هي في الحقيقة أمور غريبة على الماركسية ومنصور حكمت. في المرة الوحيدة التي أحتد موقفنا فيها مع جناح الهيئة الدائمة زاد ذلك من أعتبار وتقدير حزبنا وبرأيي كان ذلك أمراً مفيداً للحكمتية. فلو كانت هناك ذرة مكانة للحزب باقية حتى الآن بهذا الخصوص فإنها نتاج ممارسات الماضي ولم يتبقَ له من هذه الناحية أي دور جدير بالذكر.

لو نظرنا من داخل الحزب على أوضاعه، لرأينا أنه على الرغم من الاجتماعات التي تتم بين حين وآخر إلا أن لا الحركة العمالية ولا مشكلات المجتمع الرئيسية هي ما يشغل القيادة، فما يشغل القيادة إما الجدل والسجال المنقطع الصلة والعبثي والفاقد للتأثير على ممارسة الحزب، أو الصراع الداخلي غير المثمر. فالحزب مصاب من الأعلى الى الأسفل بالفرقية وعدم الإنسجام وهو يعمل في الحقيقة كمجوعة من الفرق والمحافل المتناقضة، وإذا كان لديه ذرة من الطاقة والقوة فإنه يستهلكها بهذا النوع من الصراعات. ولنكن صريحين مع بعض بخصوص الجدل الجاري. إذا ما جرى جدل حول القيادة والاستقرار وأسلوب القيادة وهيكلها، إذا ما جرى جدل حول التنظيمات وتنظيمها وحجمها وحجم الكوادر وحتى دور عناصر التنظيمات، إذا ما جرى جدل حول الجرائد، إذا ما جرى جدل حول المؤتمر والاجتماعات الدورية للجنة المركزية، إذا ما جرى جدل حول المنظمات الجماهيرية والمنظمات الجانبية، إذا ما جرى جدل حول التقارير وتقييمها، فإن كل ذلك الجدل لا يتم من منظار بناء الحزب والإرتقاء بالحركة العمالية والحزب والمجتمع، بل إنه إنعكاس لصراع الفرق والمحافل والصراع حولها. يجري الحديث في الحزب عن الخلاف السياسي وحتى عن وجود خطوط مختلفة دون أن يكون لا للمجتمع ولا حتى للتنظيمات فرصة التشخيص والاختيار السياسي الواعي. أي أن السؤال هو أي خلاف سياسي وأية خطوط مختلفة؟ لماذا لا يتم طرح المواضيع بشكل شفاف؟ الحقيقة هي أنه بمعزل عن وجود أية خلافات وتصورات سياسية مختلفة موجودة في كل حزب، إلا أن أصل القضية في حزبنا هي أنه يتم هدر طاقة كبيرة على الصراعات المقيدة والداخلية وغير المثمرة من دون أن يكون هناك أية خطة في جدول أعمال أي شخص لإنتشال الحزب من هذه الصراعات وتوحيده ومنحه الإنسجام السياسي…

أما من الناحية المالية، فأولاً/ لم يكن في أي وقت مثلما هو عليه الآن من تخبط والافتقار للمصادر المالية والخطط، فقبل كل شيء طالما أن العمل والنشاط يجذب المساعدات والأموال، إلإ أن عدم وجود أي عمل جذاب ولافت للأنظار يؤدي لحرمان الحزب من الحصول على الأموال. ثانياً/ غياب الخطط في هذا الجانب. وثالثاً، عدم تخصيص القوى لهذا الميدان. إن حزبنا وعدا عن المساعي الجماعية لكل أقسامه وخصوصاً تنظيمات الخارج، كان لديه صف من الكوادر المضحية من الناحية المالية والتي أمنت مالية الحزب، والنموذج البارز لهذا الصف رعد سليم … وبلا شك أن هذه السياسة والتعامل يحطم مالية الحزب والتنظيم المالي والكوادر المالية.

وستطول القائمة بهذا الخصوص ولكنني أكتفي بهذا المقدار.

وحتى الآن فإنني أقول بصراحة ووضوح وإخلاص أن الغرض والهدف من هذا العرض ليس توجيه النقد لشخص معين، لا للقيادة ولا لكوادر الحزب، فهذا ليس أصل ما أقصده الآن. إنني أعتقد أننا جميعنا في قيادة الحزب في اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي مسؤولون عن هذا الوضع. وهذا ليس بموضوعي، فما أسعى إليه هو أن نكون قادرين على بلورة تصور انتقادي مشترك بخصوص هذا الوضع. هذه هي الخطوة الأولى والركيزة الرئيسية لوحدة الحزب وخطوتنا المقبلة لتجاوز ذلك. إن المشكلة أن هذه الأوضاع ليس باعثة على الرضا وستستمر إذا لم يتم البحث عن سبيل حل لها وطريقة لتجاوزها. إنني لحد هذه اللحظة أعتبر نفسي مسؤولاً ولكنني لا أريد الأستمرار أكثر مع إعادة تكرار هذا التاريخ حيث أن مواضيع وقرارات وتوجهات هذا الاجتماع الدوري ستحسم موقفي النهائي. أريد أن أعلق آمالي مرة أخرى، سواء بحق أو من غير حق، على هذا الاجتماع الدوري للجنة المركزية كي يقرر الاجتماع باتجاه مختلف وباتجاه قلب الأوضاع مجدداً واتخاذ خطوة في هذا السبيل. ومن المؤسف أن ظروفي الآن لاتسمح لي أن أقوم بدور مباشر لتجاوز هذه الأوضاع ولا أسمح لنفسي أيضاً ولا أعتقد أن شخصاً يصوغ برنامجاً كي ينفذه أشخاص آخرون. تاريخ الحزب برهن للعديد من المرات عدم نجاعة هذا الأمر. ولهذا أطرح هنا باختصار فقط الأسس والخطوط العامة لمستلزمات تجاوز هذه الأوضاع من وجهة نظري على أمل أن يحدد الأجتماع الدوري للجنة المركزية في هذا الإطار برنامجه العملي وضمان تنفيذه.

  • إن حزبنا قبل كل شيء آخر بحاجة الى بلورة مؤسسة قيادة سياسية دائرة دائمية وبشکل متواصل ذات خط، قيادة تكون على الأقل في الميدان السياسي ذات رؤية أستراتيجية واضحة وذات خط تكتيكي وخطاب سياسي فعال وماركسي واضح وبديل فعال للمجتمع مقابل أية أوضاع وتغيرات كي تتقدم الى الأمام في أستراتيجية الثورة العمالية، قيادة تكون حاملة عملياً لراية الثورة العمالية وإيصال هذه الرسالة الى المجتمع بوصفها السبيل الوحيد للخلاص، قيادة تمارس بشكل دائم ومنظم القيادة السياسية والعملية للتنظيمات وحركة الاحتجاج العمالية ويسار المجتمع، قيادة تمثل شيوعية ماركس وحكمت بحيث تضطر التيارات الأخرى التي تعبر عن نفس الادعاء الى الوقوع تحت تأثيرها وتكتسب مكانة تمثيل الشيوعية والتعبير عنها لنفسها، وباختصار قيادة وحزب صاحب خط ماركسي متمايز. ومن دون شك فإن النموذج المطلوب هو مجموعة متمركزة في الداخل، إلا أن أخذ تاريخ من المساعي غير المثمرة لتحقيق هذا الأمر بنظر الاعتبار، يجعل تأمين هذا الأمر في الخطوة الأولى على الأقل من خلال نموذج ممكن يتكون من تركيبة من الداخل والخارج ترتبط برابطة عضوية وراسخة من العمل الجماعي لتأمين قيادة فعالة للحزب.
  • طرح مشروع سياسي واضح وفعال لإخراج العراق من المأزق والسيناريو الحالي المرير، ويكون بوسعه على الأقل توفير الأمن وإعادة بناء الحياة المدنية للجماهير على الفور. هذه هي المستلزمات الأولية لظروف يتنامى فيها الصراع الطبقي وتحظى فيها الطبقة العاملة بإمكانية الثورة العمالية. هذا ما بوسعه أن يشكل معنى مشروع تكتيك الحزب. وليس من المهم في موضوع التكتيك صياغة المشروع بشعارات ومفاهيم راديكالية، بل ينبغي أن يتمتع التكتيك بخاصية محددة في أنه يجب أن يجعل من التغيير الثوري في قلب الأوضاع وتوازن القوى المقصود أمراً ممكنا وميسراً في صالح تقدم تيار الثورة العمالية. فمن الواضح جلياُ الآن أن الاستعداد الذاتي للثورة العمالية هو في أدنى مستوياته ولا تسمح هذه الأوضاع لنمو هذا الاستعداد. ينبغي أن يكون التكتيك مشروعاً قادراً على تمهيد الأوضاع لتصاعد الصراع الطبقي ونمو الأستعداد الذاتي للطبقة العاملة. إن التأكيد الأحادي الجانب على الثورة العمالية من دون اتخاذ تكتيك فعال لكيفية توفير مستلزمات هذه الثورة، لا يمكنه عملياً وضع الثورة في جدول الأعمال وسيتحول الى شعارات لا غير. إن الحزب الذي يدعي العمل للوصول الى السلطة هو حزب لديه سبيل حل تكتيكي وسياسة واضحة لمشاكل المجتمع ولديه سيناريو واضح لتحقيق سياساته بآليات اجتماعية وهذا فقط ما يدعو المجتمع لأن يسمح له بكسب السلطة فتدخل تحت جناحه الجماهير العمالية والكادحة والنساء والشبيبة كي يصل الى كرسي السلطة. إذا ما وضع الحزب في جدول أعماله وأراد أن يكون قوة جدية لا قوة أكثر هامشية من المعارضة الهامشية، فإن عليه أن يمتلك كلمة واضحة ويطرح سياسة فعالة حول مستقبل المجتمع. وهذا ما بإمكانه توحيد الحزب حول هذه السياسة وكذلك تعبئة المجتمع حوله أيضاً. وباختصار فإن على الحزب الإجابة على مسألة إما أنه يريد ويتجه نحو التحول الى حزب سياسي جدي يقوم بتنظيم نفسه وتنظيم المجتمع أيضاً ويعد نفسه للسلطة السياسية وبهذا الشكل يطرح نفسه للمجتمع أو أنه يبقى على ما هو عليه الآن حيث لا يشكل وجوده أو عدمه أي فارق يذكر.
  • نحن بحاجة الى طرح واضح لأعادة توحيد الحزب وإنهاء الصراعات الفرقية والمحفلية والعصبوية غير السياسية الحالية. فإي شخص يهمه الحزب والشيوعية عليه أن يواجه بمسؤولية هذا الوضع الداخلي للحزب مهما كان تصوره السياسي مختلفاً. إن أكثر الظواهر عادية في الأحزاب السياسية هي وجود الاختلافات والتصورات ووجهات النظر المختلفة، ولكن على التقاليد الحزبية أن تكون قادرة على قنونة ذلك ضمن مسار معين بحيث تؤدي الاختلافات الى الارتقاء بالحزب وفي نفس الوقت ظهور في الساحة السياسية والبراتيكية كجسد واحد للصراع الشامل ضد البرجوازية. وأي شيء يلحق الضرر بذلك هو عداء للشيوعية والتحزب الشيوعي. أو إذا كانت الإختلافات على قدر من الجدية فإن الحل هو العمل كتكتل حزبي، وعدا هذين الحلين ليس هناك شيء في المنتصف حيث أن الفرقية والمحفلية تشل الحزب. لا يراودني الشك في أن كل قوى الحزب وشخصياته وكوادره وأعضاءه ضرورية جداً بالنسبة له، ونحن لا نملك قوى فائضة كي لا نهتم لفقدان حتى ولو عضو واحد. لذا فإن تقصير يد أي قسم من تركيبة هذا الحزب وإزاحة أي من شخصياته لن تكون نتيجته سوى ضربة كبرى للحزب وتجربة الشيوعية. من الضروري أن يكون الحزب حزباً متحداً وموحداً ومن الضروري إنهاء أي شكل من أشكال الممارسة الفرقية والمحفلية، وإلا سنخسر جميعنا.
  • يجب أن تكون تنظيمات الحزب تنظيمات ملموسة في البداية بدورها وتأثيرها في المعامل والمراكز والأحياء العمالية …والخ، وكذلك أن يكون من الممكن بسهولة معرفة وقياس حجمها. فكل عضو في الحزب يجب أن يكون معلوماً متى أصبح عضواً، في أي تشكيلة حزبية، ما هو عمله، كيف يدفع بدل عضويته، وماهي النشاطات التي يشارك فيها. يجب أن يكون التنظيم الحزبي قابلاً لأن يتم جمعه وتوجيهه والاستماع لآرائه ومقترحاته. ليس مقبولاً أن تطول قائمة الأعضاء عشية الانتخابات وتتقلص أوقات العمل والنشاط وليس مقبولا التلاعب المتعمد بعدد الأعضاء. فأي شكل من أشكال هذا التعامل يجب مواجهته بإجراءات شديدة. يجب أن تكون تنظيمات الحزب تنظيمات متعهدة بالبرنامج والسياسة والتقاليد الشيوعية وأن تدرك بوعي ما يميزها ويفصلها عن التيارات البرجوازية. يجب أن تكون التنظيمات الحزبية عبارة عن مجموعة من النسيج الحزبي العامل بشكل مشترك لتعبئة المجتمع حول الشيوعية وأن يكون لها دور في الاحتجاجات وفي تنظيم العمال والجماهير. يجب أن تكون اللجان لجاناً حزبية وعمالية، أي أن تكون مؤلفة من الناشطين العماليين والناشطين الماركسيين ذوي الدور الواضح في الحركة العمالية. يجب تحديد المراكز العمالية المهمة كي يكون من الأولوية فتحها من قبل الشيوعية. يجب أن تكون التنظيمات منضبطة ومتينة وأن تخرج من حالة الميوعة اللامحدودة الحالية. ففي أوضاع مثل الأوضاع الحالية التي يمر بها المجتمع العراقي ليس بوسع الشيوعية التقدم الى الأمام بتنظيمات مائعة ومبهمة. وضع خطة وبرنامج عمل واضح لتنظيمات الداخل والخارج يكون أساسه التنظيم الشيوعي والجماهيري للطبقة العاملة وكسب المساندة والدعم العالمي لنضال العمال ومطالب ونضال الجماهير التحررية والمضطهدة. يجب أن يكون لتنظيم الخارج دور في إشاعة الماركسية. يجب أن تكون تركيبة الكادر الحزبي مشخصة وملموسة وذات معايير خاصة. يجب أن تكون كوادر الحزب طليعة الالتزام بالأصول والمبادئ الشيوعية وعدم قبول خرقها للمبادئ أبداً. بوسع الشيوعية وبوسع حزبنا الآن ورغم كل النقص أن يحافظا على صف من الكوادر على الخط، صف متفائل وذي معنويات عالية وماركسي وقادر على اللجوء للقلم ومصارعة الأفكار والسياسات والتقاليد البرجوازية شرط أن يكون هناك قيادة ماركسية وثورية تمنح ذلك الصف خطاً سياسياً، توجهه، تمسك بيده وتسانده.
  • ينبغي الانتباه من الناحية السياسية ومن الناحية التنظيمية أيضاً الى أن في كردستان الآن أكثر من مليون ونصف نازح ناطق بالعربية جاءوا من مناطق مختلفة، والأسس مهيئة جداً للعمل معهم، حيث يعانون من ضغط العنصرية الكردية ويعانون من مختلف المشاكل، وهم بحاجة ماسة لأي شكل من التنظيم والتوحيد للدفاع عن أنفسهم، فهم يستقبلون بحرارة أي حزب يساندهم، يدلهم على الطريق، وينظمهم. وقد تحدثت شخصياً بهذا الموضوع مع بعض الرفاق غير أن عملاً لم يتم القيام به بهذا الخصوص. على الحزب تشكيل لجنة خاصة للعمل معهم وتنظيمهم في الحزب وفي تنظيم مثل (اتحاد النازحين الذي أسسناه في نهاية التسعينات وكان له دور جيد). إن هذا سيقوي الآن ومستقبلاً جذور الحزب في المجتمع العراقي.
  • مشكلة إعلام الحزب ليس فقط أننا نفتقر للوسائل، بل إن ما لدينا لا يروج للشيوعية والسياسة الشيوعية والنقد الشيوعي والبديل الشيوعي. نحن بحاجة على الأقل لجريدة نصف شهرية أو شهرية توجه النقد بشكل شيوعي وحاد، وتكون لسان حال احتجاج العامل والدليل السياسي والتكتيكي والمنظِّم لنضال العامل والمرأة والشاب والجماهير المحتجة وأن تلج الصراع الفكري والسياسي للتيارات الرجعية البرجوازية. فإذا كان النشاط العلني وقانونية وجود الحزب تمنع ذلك، فالاولى ان نضحي بهم حفاظاً على النقد والخطاب الماركسي الحاد لا أن نُضعِف من حدة شيوعيتنا. وأنا أتحدث هنا عن محتوى الدعاية إذا كان شيوعياً، ففي عالم اليوم هناك الكثير من الأشكال لإيصال الدعاية الشيوعية الى مسامع المجتمع.
  • إقامة علاقة واضحة وشفافة وفعالة ومستندة الى المبادئ الشيوعية مع التنظيمات الجماهيرية والجانبية والمناضلة في ميادين النساء والعمال والشبيبة و…والاهتمام السياسي الجدي بأعمالها ومصيرها خصوصاً تلك التي تتم قيادتها من قبل كوادر الحزب. كوادر الحزب ملزمة بتقديم تقارير مفصلة (خصوصاً تقارير مالية حول وارداتها وكيفية صرفها) وشاملة عن المنظمات الى الحزب وجعل الحزب يتدخل في مصيرها. ومع ذلك فإنها مستقلة في قراراتها وأعمالها.
  • تنظيم التنظيمات المالية للحزب، بدلات العضوية، الكوادرالحزبية المبدعة في هذا المجال، تنمية تقاليد جمع التبرعات ورعاية المشاريع والتكفل بها، وبلورة تنظيم مالي وترسيخ علاقة راسخة مستمرة للقيادة مع هذا التنظيم…والخ.
  • على الحزب أن يكون على الأقل صاحب موقف وتحليل على المستوى السياسي إزاء الأحداث والمسارات والتحولات السياسية في المنطقة والعالم العربي وأن يعبر عن تدخله السياسي. كذلك إن الحزب العراقي بحاجة لأن يكون له تدخل سياسي وموقف واضح حول مجتمع كردستان ومعضلاته ومصيره، وعلى الأقل في الأمور المتعلقة بمستقبل العراق ومشاکل المجتمع الكردستاني التی ذات صلة وارتباط بالسلطة المركزية. وأن يكون له نوع من الحضور قدر استطاعته واستطاعة كوادره وناشطية على مستوى المنطقة والعالم كقوة أممية شيوعية، وأن يكون له علاقات وشراكة نضالية مع الحركات العمالية والتيارات اليسارية والإشتراكية ذات الدور وأن يوضح مبادئه بهذا الخصوص. في نفس الوقت أن يجعل التيارات غير الشيوعية التي تدعي الشيوعية تجد نفسه تحت ضغطه كممثل لشيوعية ماركس. فالعراق والمنطقة الآن موضع نظر واهتمام العالم كله. بوسع الحزب الاستفادة من اهتمام العالم هذا وكسب أكثر ما يمكن من المساندة والدعم للتحرر والطبقة العاملة والنضال ومطالب الجماهير المحتجة وجعل تلك المساندة والدعم ورقة ضغط جدي على جبهة البرجوازية والرجعية.

…إن هذه هي تحديات وميادين رئيسية وأولويات للحزب للنهوض مجدداً كحزب شيوعي عمالي متطلع للسلطة والاقتدار. وربما هناك الآن العديد من العوامل الجزئية الأخرى التي تدخل في جدول الأعمال، إلا أنني أكتفي بهذه العوامل الرئيسية. في الختام أؤكد على تأمين قيادة بوسعها ضمان تنفيذ هذه النقاط لدرجة أن الحزب بتحقيقه هذه التغييرات يدخل قاعة المؤتمر القادم. أتمنى لاحقاً أن نطلق على هذا الاجتماع الدوري في تاريخ الحزب أجتماع الانتعاش السياسي ووحدة وانسجام الحزب وتقوية الخط والبنية الماركسية للحزب، اجتماع إخراج الحزب كجسد واحد للحرب ضد السيناريوهات الرجعية البرجوازية وللالتفاف حول الخط والبرنامج الشيوعي. باعتقادي لو خصص كل وقت الاجتماع الدوري لتقييم أوضاع الحزب بشكل موضوعي والاتفاق على برنامج عمل فعال وتحديد سبل تنفيذه، سينجح الاجتماع كثيراً وسينعش الآمال، وإلا سيصاب شخص مثلي، وسيصاب عاجلاً أو آجلاً أشخاص آخرون بالاحباط وفقدان الأمل والتفكير بطريقة أخرى.

وهنا اطلب من البلينوم ان يوافق على ان تعمم هذه الرسالة الى الأعضاء بعد البلينوم.

ریبوار احمد

١-٩-٢٠١٦

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here